Book: Dalail an-Nubuwwah by Bayhaqi

باب ما جاء في تأليف القرآن [١] ، وقوله عز وجل إنا نحن نزلنا الذكر، وإنا له لحافظون ١٥: ٩ [٢] وما ظهر من الآيات فيما نسخ من رسمه وفيما لم ينسخ منه

Chapter: Chapter on what has been mentioned about the compilation of the Quran [1], and His Almighty saying: "Indeed, it is We who sent down the Dhikr (Quran) and indeed, We will be its guardian." 15:9 [2] and what appears from the verses in what was abrogated from its writing and in what was not abrogated from it.

Volume: 7 (Page:147)

English:

Arabic:

بَابُ مَا جَاءَ فِي تَأْلِيفِ الْقُرْآنِ [ (١) ] ، وَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ، وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ [ (٢) ] وَمَا ظَهَرَ مِنَ الْآيَاتِ فِيمَا نُسِخَ مِنْ رَسْمِهِ وَفِيمَا لَمْ يُنْسَخْ مِنْهُأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سَهْلٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ زِيَادٍ الْأَدِيبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وهب ابن جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ أَيُّوبَ يُحَدِّثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِمَاسَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُؤَلِّفُ الْقُرْآنَ مِنَ الرِّقَاعِ [ (٣) ] .قُلْتُ: وَهَذَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِهِ تَأْلِيفَ مَا نَزَلَ مِنَ الْكِتَابِ: الْآيَاتِ الْمُتَفَرِّقَةَ فِي سُوَرِهَا، وَجَمْعَهَا فَيهَا بِإِشَارَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ كَانَتْ مُثْبَتَةً فِي الصُّدُورِ،[ (١) ] اصطلح على الرمز لها بجمع القرآن، قال الخطابي: إنما لم يجمع صلى الله عليه وسلم القرآن في المصحف، لما كان يترقبه من ورود ناسخ لبعض أحكامه أو تلاوته، فلما انقضى نزوله بوفاته ألهم الله الخلفاء الراشدين ذلك، وفاء بوعده الصادق بضمان حفظه على هذه الأمة، فكان ابتداء ذلك على يد الصديق بمشورة عمر. وأما ماأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم: «لا تكتبوا عني شيئا غير القرآن ... »الحديث، فلا ينافي ذلك، لأن الكلام في كتابة مخصوصة على صفة مخصوصة، وقد كان القرآن كتب كله فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم، لكن غير مجموع في موضع واحد ولا مرتب السور.[ (٢) ] الآية الكريمة (٩) من سورة الحجر.[ (٣) ] أخرجه الترمذي في آخر كتاب المناقب، باب فضل الشام واليمن، الحديث (٣٩٥٤) ، ص (٥:٧٣٤) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ، وقال: «حسن غريب» .

Volume: 7 (Page:148)

English:

Arabic:

مَكْتُوبَةً فِي الرِّقَاعِ، وَاللِّخَافِ، والعشب، فَجَمَعَهَا مِنْهَا فِي صُحُفٍ، بِإِشَارَةِ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، ثُمَّ نَسَخَ مَا جَمَعَهُ فِي الصُّحُفِ، فِي مَصَاحِفَ بإشارة عثمان ابن عَفَّانَ (رَضِيَ اللهُ عَنْهُ) عَلَى مَا رَسَمَ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.أَخْبَرَنَا أَبُو سَهْلٍ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرَوَيْهِ بْنِ أَحْمَدَ الْمَرْوَزِيُّ- قَدِمَ عَلَيْنَا- مِنْ أَصْلِ كِتَابِهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ خَنْبٍ إِمْلَاءً قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ السَّبَّاقِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ [ (٤) ] ، قَالَ:أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ مَقْتَلَ أَهْلِ الْيَمَامَةِ [ (٥) ] فَأَتَيْتُهُ. فَإِذَا عُمَرُ جَالِسٌ عِنْدَهُ.قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّ عُمَرَ جَاءَنِي، فَقَالَ إِنَّ الْقَتْلَ قَدِ اسْتَحَرَّ [ (٦) ] يَوْمَ الْيَمَامَةِ بِقُرَّاءِ الْقُرْآنِ [ (٧) ] ، وَإِنِّي أَخْشَى إِنِ اسْتَحَرَّ الْقَتْلُ بِالْقُرَّاءِ فِي الْمَوَاطِنِ كلها [ (٨) ] ، فيذهب[ (٤) ] هو زيد بن ثابت بن لوذان، بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ عوف الإمام الكبير، شيخ المقرئين، كاتب وحي رسول الله صلى الله عليه وسلم، قدم على النبي وعمره احدى عشرة سنة بعد مقتل والده يوم بعاث فأسلم وجود الخط، وكتب الوحي، وحفظ القرآن وأتقنه، وأحكم الفرائض وتولى قسمة الغنائم يوم اليرموك، وانتدبه الصديق لجمع القرآن، وعثمان لكتابة المصحف، وثوقا بحفظه، وكان عمر يستخلفه إذا حج.طبقات ابن سعد (٢: ٣٥٨) ، التاريخ الكبير (٣: ٣٨٠) ، المعرفة والتاريخ للفسوي (١:٣٠٠) ، أخبار القضاة (١: ١٠٧) ، العبر (١: ٥٣) وغيرها.[ (٥) ] (مقتل أهل اليمامة) أي عقب قتل اهل اليمامة والمراد بأهل اليمامة هنا من قتل بها من الصحابة في الوقعة مع مسيلمة الكذاب.[ (٦) ] (استحرّ) : اشتدّ.[ (٧) ] ووقع من تسمية القراء الذين أراد عمر في رواية سفيان بن عيينة المذكورة قتل سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ ولفظه: «فلما قتل سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ خشي عمر أن يذهب القرآن، فجاء إلى أبي بكر وسالم هو أحد مِنْ أَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وسلم بأخذ القرآن عنه.[ (٨) ] (بالقراء بالمواطن) أي في المواطن أي الأماكن التي يقع فيها القتال مع الكفار.

Volume: 7 (Page:149)

English:

Arabic:

قُرْآنٌ كَثِيرٌ، وَإِنِّي أَرَى أَنْ نَجْمَعَ الْقُرْآنَ، فَقُلْتُ لِعُمَرَ كَيْفَ أَفْعَلُ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ عُمَرُ: هُوَ وَاللهِ خَيْرٌ فَلَمْ يَزَلْ عُمَرُ يُرَاجِعُنِي فِي ذَلِكَ. حَتَّى شَرَحَ اللهُ صَدْرِي لِلَّذِي شَرَحَ صَدْرَهُ، وَرَأَيْتُ فِي ذَلِكَ الَّذِي رَآهُ.فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لِزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: إِنَّكَ رَجُلٌ شَابٌّ عَاقِلٌ، لَا نَتَّهِمُكَ، وَقَدْ كُنْتَ تَكْتُبُ الْوَحْيَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ فَتَتَبَّعِ الْقُرْآنَ، فَاجْمَعْهُ [ (٩) ] .قال زيد: فو الله لَوْ كَلَّفُونِي نَقْلَ جَبَلٍ مِنَ الْجِبَالِ، مَا كَانَ أَثْقَلَ عَلَيَّ مِمَّا أَمَرُونِي بِهِ مِنْ جَمْعِ الْقُرْآنِ. قَالَ: قُلْتُ: كَيْفَ تَفْعَلُونَ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ: هُوَ وَاللهِ خَيْرٌ، فَلَمْ يَزَلْ أَبُو بَكْرٍ يُرَاجِعُنِي حَتَّى شَرَحَ اللهُ صَدْرِي لِلَّذِي شَرَحَ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ.قَالَ: فَتَتَبَّعْتُ الْقُرْآنَ أَجْمَعُهُ من الرقاع [ (١٠) ] والعشب [ (١١) ] ، وَاللِّخَافِ [ (١٢) ] ، وَصُدُورِ الرِّجَالِ، حَتَّى وَجَدْتُ آخِرَ سُورَةِ التَّوْبَةِ- مَعَ خُزَيْمَةَ- أَوْ أَبِي خزيمة [ (١٣) ][ (٩) ] أخرج مسلم في صحيحه من حديث أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم: «لا تكتبوا عني شيئا غير القرآن» وهذا الحديث لا ينافي ذلك، فقد كان القرآن كله كتب فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وسلم لكنه غير مجموع في موضع واحد ولا مرتب السور.[ (١٠) ] (الرقاع) : جمع رقعة وقد تكون من جلد أو كاغد.[ (١١) ] (العسب) : جريد النخل، كانوا يكشطون الخوص ويكتبون في الطرف العريض، وقيل العسيب: طرف الجريدة العريض الذي لم ينبت عليه الخوص والذي ينبت عليه الخوص هو السعف.[ (١٢) ] (اللخاف) : هي صفائح الحجارة الرقاق فيها عرض ودقة. وقيل هي الخزف يصنع من الطين المشوي.[ (١٣) ] كذا بالأصل، ووقع في رواية عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ «مَعَ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ» أخرجه أحمد والترمذي.ووقع في رواية شعيب عن الزهري «مع خزيمة الأنصاري» .وأخرج الطبراني في مسند الشاميين من طريق أَبِي الْيَمَانِ عَنْ شُعَيْبٍ فقال فيه: «خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ.الْأَنْصَارِيِّ» .

Volume: 7 (Page:150)

English:

Arabic:

الْأَنْصَارِيِّ، لَمْ أَجِدْهَا مَعَ أَحَدٍ غَيْرِهِ [ (١٤) ] لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ، حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ [ (١٥) ] . فَأَلْحَقْتُهَا فِي سُورَتِهَا، فَكَانَتِ الصُّحُفُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ حَيَاتَهُ، حَتَّى تَوَفَّاهُ اللهُ، ثُمَّ عِنْدَ عُمَرَ، حَتَّى تَوَفَّاهُ اللهُ، ثُمَّ عِنْدَ حَفْصَةَ بِنْتَ عُمَرَ [ (١٦) ] .قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَأَخْبَرَنِي خَارِجَةُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ:فَقَدْتُ آيَةً مِنْ سُورَةِ الْأَحْزَابِ، قَدْ كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُهَا.فَالْتَمَسُوهَا، فَوَجَدُوهَا مَعَ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيِّ: مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا مَا عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ [ (١٧) ] . فَأَلْحَقْتُهَا فِي سُورَتِهَا.قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ: فَحَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ حُذَيْفَةَ [ (١٨) ] قَدِمَ عَلَى عُثْمَانَ، وَكَانَ يُغَازِي أَهْلَ الشَّامِ مَعَ أَهْلِ الْعِرَاقِ فِي فَتْحِ أَرْمِينِيَّةَ، وَأَذْرَبِيجَانَ. قَالَ: فَأَفْزَعَ حُذَيْفَةَ اخْتِلَافُهُمْ فِي الْقِرَاءَةِ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ.. أَدْرِكْ هَذِهِ الْأُمَّةَ، قَبْلَ أَنْ يَخْتَلِفُوا فِي الْكِتَابِ، كَمَا اخْتَلَفَ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، فَبَعَثَ عُثْمَانُ إِلَى حَفْصَةَ: أَرْسِلِي بِالصُّحُفِ، نَنْسَخْهَا فِي الْمَصَاحِفِ، ثُمَّ نَرُدَّهَا عَلَيْكِ، فَبُعِثَ بِهَا إِلَيْهِ، فَدَعَا زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، فَأَمَرَهُ وَعَبْدَ[ () ] قال ابن حجر (٩: ١٥) .من قال «مع أبي خزيمة» أصح وأن الذي وجد معه الآية من الأحزاب (خزيمة) ، والذي وجد معه الآية من سورة التوبة (أبو خزيمة) بالكنية.(وأبو خزيمة) هو أوس بن يزيد بن اصرم.[ (١٤) ] (لَمْ أَجِدْهَا مَعَ أَحَدٍ غيره) أي مكتوبة، لما تقدم من انه كان لا يكتفي بالحفظ دون الكتابة.[ (١٥) ] الآية الكريمة (١٢٨) من سورة التوبة.[ (١٦) ] (عِنْدَ حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ) : أي في خلافة عثمان، الى أن شرع عثمان في كتابة المصحف، وإنما كان ذلك عند حفصة لأنها كانت وصية عمر.[ (١٧) ] الآية الكريمة (٢٣) من سورة الأحزاب.[ (١٨) ] هو حذيفة بن اليمان.

Volume: 7 (Page:151)

English:

Arabic:

الله بن الزبير، وسعيدا بْنَ الْعَاصِ، وَالْحَارِثَ بْنَ هِشَامٍ أَنْ يَنْسَخُوا الصُّحُفَ فِي الْمَصَاحِفِ. وَقَالَ: مَا اخْتَلَفْتُمْ أَنْتُمْ وَزَيْدٌ فَاكْتِبُوهُ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ فَإِنَّمَا نَزَلَ بِلِسَانِهِمْ، فَكَتَبُوا الصُّحُفَ فِي الْمَصَاحِفِ فَبَعَثَ إِلَى كُلِّ أُفُقٍ بِمُصْحَفٍ، وَأَمَرَ بِمَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الْقِرَاءَةِ فِي كُلِّ صَحِيفَةٍ أَوْ صُحُفٍ أَنْ تُمْحَى أَوْ تُحْرَقَ.قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَاخْتَلَفُوا يَوْمَئِذٍ فِي «التَّابُوتِ» فَقَالَ زَيْدٌ: «التَّابُوةُ» ، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ وَابْنُ الزُّبَيْرِ: «التَّابُوتُ» ، فَرَفَعُوا اخْتِلَافَهُمْ إِلَى عُثْمَانَ فَقَالَ: اكْتُبُوهَا «التَّابُوتَ» ، فَإِنَّهَا بِلِسَانِهِمْ.قَالَ: وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ بِهَذَا الْحَدِيثِ، بِالْأَسَانِيدِ الَّتِي حَدَّثَنَا بِهَا أَبُو الْوَلِيدِ. إِلَّا أَنَّ أَبَا الْوَلِيدِ ذَكَرِ فِي حَدِيثِهِ، أَنَّ عُثْمَانَ أَمَرَ الْقَوْمَ أَنْ يَنْسَخُوا الصُّحُفَ فِي الْمَصَاحِفِ. فَذَكَرَهُمْ، وَذَكَرَ فِيهِمْ الْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ، وَخَالَفَهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ، فَقَالَ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَارِثِ، وَزَادَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ فِي حَدِيثِهِ أَنَّ عُثْمَانَ، رَدَّ الصُّحُفَ إِلَى حَفْصَةَ، وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ رَدَّ الصَّحِيفَةَ إِلَى حَفْصَةَ.وَوَصَلَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ فِي حَدِيثِهِ أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا، هُمْ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فِي التَّابُوتِ. فَقَالَ الرَّهْطُ الْقُرَشِيُّونَ: التَّابُوتُ. وَقَالَ زَيْدُ: «التَّابُوهُ» فَرَفَعُوا اخْتِلَافَهُمْ إِلَى عُثْمَانَ فَقَالَ: اكْتُبُوهُ التَّابُوتَ فَإِنَّهَ لِسَانُ قُرَيْشٍ.أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ [ (١٩) ] .قُلْتُ: وَالَّذِي يَعْمَلُ عَلَى أَنَّ الْآيَاتِ كَانَتْ مُؤَلَّفَةً فِي سُوَرِهَا، مَا رُوِّينَا فِي[ (١٩) ] أخرجه البخاري في: ٦٦- كتاب فضائل القرآن، (٣) باب جمع القرآن، الحديث (٤٩٨٦) ، فتح الباري (٩: ١٠- ١١) .

Volume: 7 (Page:152)

English:

Arabic:

كِتَابِ السُّنَنِ [ (٢٠) ] أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم قَرَأَ فِي صَلَاةِ كَيْتَ بِسُورَةِ كَيْتَ، وَفِي صَلَاةِ كَيْتَ بِسُورَةِ كَيْتَ، وَأَنَّ جَمَاعَةً مِنَ الصَّحَابَةِ حَفِظُوا جَمِيعَ الْقُرْآنَ، وَحَفَظُوهُ فِي صُدُورِهِمْ، مِنْهُمْ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَأَبُو زَيْدٍ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ.وَذَكَرُوا مَعَهُمْ غَيْرَهُمْ، قَدْ ذَكَرْنَاهُمْ فِي كِتَابِ الْمَدْخَلِ، وَفِي كُلِّ ذَلِكَ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ آيَاتِ الْقُرْآنِ، كَانَتْ مُؤَلَّفَةً فِي سُوَرِهَا، إِلَّا أَنَّهَا كَانَتْ فِي صُدُورِ الرِّجَالِ مُثْبَتَةً، وَعَلَى الرِّقَاعِ وَغَيْرِهَا مَكْتُوبَةً. فَرَأَى أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ جَمْعَهَا فِي صُحُفٍ. ثُمَّ رَأَى عُثْمَانُ نَسْخَهَا فِي مَصَاحِفَ. قَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ: إِلَّا أَنَّ سُورَةَ بَرَاءَةٌ كَانَتْ مِنْ آخِرِ مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ، لَمْ يُبَيِّنْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَوْضِعَهَا مِنَ التَّأْلِيفِ، حَتَّى خَرَجَ مِنَ الدُّنْيَا، وَكَانَتْ قِصَّتُهَا شَبِيهَةٌ بِالْأَنْفَالِ، فَقَرَنَتْهَا الصَّحَابَةُ بِالْأَنْفَالِ. وَبَيَانُ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ [ (٢١) ] .أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ أَحْمَدُ بْنُ كَامِلٍ الْقَاضِي، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ الْعَوْفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ الْقَيْسِيُّ.(ح) وأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ هَانِئٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَضْلِ الْبَجَلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ قَالَا: حَدَّثَنَا عَوْفُ بْنُ أَبِي جَمِيلَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ الرَّقَاشِيِّ قَالَ: قَالَ لَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ: قُلْتُ لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ: مَا حَمَلَكُمْ عَلَى أَنْ عَمَدْتُمْ إِلَى الْأَنْفَالِ؟وَهِيَ مِنَ الْمَثَانِي وَإِلَى بَرَاءَةٌ؟ وَهِيَ مِنَ الْمِئِينَ، فَقَرَنْتُمْ بَيْنَهُمَا، وَلَمْ تَكْتُبُوا بَيْنَهُمَا سَطْرَ «بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ» وَوَضَعْتُمُوهَا فِي السَّبْعِ الطِّوَالِ. مَا حَمَلَكُمْ عَلَى ذَلِكَ؟[ (٢٠) ] السنن الكبرى (٢: ٤٢- ٤٣) .[ (٢١) ] أخرجه الترمذي في كتاب التفسير، تفسير سورة التوبة، الحديث (٣٠٨٦) ، ص (٥: ٢٧٢- ٢٧٣) .

Volume: 7 (Page:153)

English:

Arabic:

فَقَالَ عُثْمَانَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْتِي عَلَيْهِ الزَّمَانُ تَنْزِلُ عَلَيْهِ السُّوَرُ، ذَوَاتُ عَدَدٍ، فَكَانَ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الشَّيْءُ، يَدْعُو بَعْضَ مَنْ كَانَ يَكْتُبُهُ، فَيَقُولُ:ضَعُوا هَذِهِ فِي السُّورَةِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا كَذَا وَكَذَا.وَتَنْزِلُ عَلَيْهِ الْآيَةُ فَيَقُولُ: ضَعُوا هَذِهِ فِي السُّورَةِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا كَذَا وَكَذَا] [ (٢٢) ] . فَكَانَتِ الْأَنْفَالُ مِنْ أَوَائِلِ مَا أُنْزِلَ بِالْمَدِينَةِ، وبراءة مِنْ آخِرِ الْقُرْآنِ، وَكَانَتْ قِصَّتُهَا شَبِيهَةٌ بِقِصَّتِهَا، فَقُبِضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يُبَيِّنْ لَنَا أَنَّهَا مِنْهَا، فَظَنَنَّا أَنَّهَا مِنْهَا، فَمِنْ ثَمَّ قَرَنْتُ بَيْنَهُمَا، وَلَمْ أَكْتُبْ بَيْنَهُمَا سَطْرَ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ [ (٢٣) ] .[ (٢٢) ] ما بين الحاصرتين ليس في (ف) ، وثابت في بقية النسخ.[ (٢٣) ] قال الترمذي: «لا نعرفه الا من حديث عوف عن يزيد الفارسي، عن ابن عباس، ويزيد الفارسي قد رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ غير حديث ويقال: هو يزيد بن هرمز ويزيد الرقاشي هو يزيد بن أبان الرقاشي ولم يدرك ابن عباس إنما روى عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وكلاهما من أهل البصرة ويزيد الفارسي أقدم من يزيد الرقاشي.والحديث أخرجه: أبو داود في «مسنده» (١: ٢٠٨) عن عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، عَنْ هشيم، عن عوف، عن يزيد الفارسي، عن ابن عباس، بلفظ: السبع الطوال، وأخرجه أبو داود بعده من طريق مروان بن معاوية، وأخرجه الترمذي في كتاب التفسير، سورة التوبة (٥: ٢٧٢) ، من طريق يحيى بن سعيد، ومحمد بن جعفر، وابن أبي عدي، وسهل بن يوسف، وقال: لا نعرف هذا الحديث إلا من حديث عوف عن يزيد الفارسي ... ويقال: هو يزيد بن هرمز وأخرجه الحاكم في «المستدرك» (٢: ٢٢١) ، من طريق هوذة بن خليفة، و (٢: ٣٣٠) من طريق روح بن عبادة، والبيهقي في «السنن الكبرى» (٢: ٤٢) من طريق إسحاق الأزرق، كلهم عن عوف بن أبي جميلة، عن يزيد الفارسي عن ابن عباس.فمن هو يزد الفارسي؟.(١) قال البخاري في الكبير (٤: ٢: ٣٦٧) تحت اسم: يزيد بن هرمز، قال عبد الرحمن [بن مهدي] : يزيد الفارسي، هو ابن هرمز، قال: فذكرته ليحيى فلم يعرفه.(٢) قال أبو حاتم في الجرح والتعديل (٤: ٢: ٢٩٣) : يزيد بن هرمز، اختلفوا فيه، هل هو يزيد الفارسي، أم لا؟ فقال عبد الرحمن بن مهدي فيما سمعت أبي يحكي عن علي بن المديني عنه أنه قال: يزيد الفارسي، هو يزيد بن هرمز، وكذا قاله أحمد بن حنبل: يزيد بن هرمز هو يزيد

Volume: 7 (Page:154)

English:

Arabic:

لَفْظُ حَدِيثِ هَوْذَةَ، وَحَدِيثُ رَوْحٍ قَرِيبٌ مِنْهُ.قُلْتُ: وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا لَمْ يَجْمَعْهُ فِي مُصْحَفٍ وَآخَرَ، لِأَنَّهُ كَانَ لَا يَأْمَنُ وُرُودَ النَّسْخِ عَلَى أَحْكَامِهِ وَرُسُومِهِ فَلَمَّا خَتَمَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ دِينَهُ بِوَفَاةِ نَبِيِّهِ صَلَّى الله عليه وسلم وكان قَدْ وَعَدَ لَهُ حِفْظَهُ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ، وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ [ (٢٤) ] وَفَّقَ خُلَفَاءَهُ لِجَمْعِهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ وَحَفِظَهُ كَمَا وَعَدَهُ، وَالَّذِي رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي الْمُعَوِّذَتَيْنِ إِنَّمَا هُوَ فِي إِثْبَاتِ رَسْمِهِمَا لَا أَنَّهُ خَالَفَ غَيْرَهُ فِي نُزُولِهِمَا.وَالَّذِي رُوِيَ عَنْهُ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ فِي اخْتِلَافِ الْقِرَاءَةِ، فَإِنَّمَا هي القراءة[ () ] الفارسي، وأنكر: يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ الْقَطَّانِ أن يكونا واحدا، فعن عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، قَالَ: ذكرت ليحيى قول عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ فإن يزيد الفارسي، هو يزيد بن هرمز، فلم يعرفه.قال أبو حاتم: سمعت أبي يقول: يزيد بن هرمز هذا، ليس بيزيد الفارسي، هو سواه، وكان يزيد ابن هرمز من أبناء الفرس الذين كانوا بالمدينة وجالسوا أبا هريرة، وليس هو بيزيد الفارسي البصري الذي يروي عن ابن عباس، روى عنه عوف الأعرابي.الى هذا الحد وقع الخلاف بين يزيد الفارسي، ويزيد بن هرمز. فإن كان يزيد الفارسي هو البصري، فهو مجهول، مختلف فيه. وان كان هو يزيد بن هرمز، فقد ضعفه البخاري، ولم يخرج له في صحيحه، وكتبه في كتابه «الضعفاء الصغير» ترجمة رقم ٤٠٧ ص ١٢٢، وعليه فلا صحة لدعوى الحاكم ان الحديث على شرط الشيخين. فهذه الدعوى لا تقوم عليها الحجة، ولم يخرج ليزيد الفارسي هذا البخاري ولا مسلم في «صحيحيهما» .وحتى ابن حبان الذي صحح الحديث، كتب في ثقاته (٥: ٥٣١) يزيد بن هرمز المدني هو الذي يروي عنه عوف الأعرابي، ويقول: حدثنا يزيد الفارسي عن ابن عباس. فعدهما واحدا.فهذا يزيد الفارسي وقد انفرد برواية الحديث، إما مجهول لا يعرفه يحيى بن معين، ويشتبه امره على عبد الرحمن بن مهدي، واحمد، والبخاري، فيعطي كل واحد منهم رأيا مختلفا فيه، ويثبته البخاري في الضعفاء بالاسمين: ابن هرمز، او الفارسي.فضلا عن ذلك ففيه تشكيك في معرفة سور القرآن، الثابتة بالتواتر القطعي، والمشافهة الحية، قراءة، وسماعا، وكتابة، وفيه تشكيك في إثبات البسملة في أوائل السور، كأنّ عثمان كان يثبتها برأيه، وينفيها برأيه- وحاشاه من ذلك- رضي الله عنه.[ (٢٤) ] الآية الكريمة (٩) من سورة الحجر.

Volume: 7 (Page:155)

English:

Arabic:

الْأُولَى، وَكَأَنَّهُمَا فِيمَا خَالَفَا فِيهِ لَمْ يَشْهَدِ النَّسْخَ.وَقَدْ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: عَلَى أَقْضَانَا، وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ أَقْرَأُنَا، وَإِنَّا لَنَدَعُ كَثِيرًا مِمَّا يَقُولُ أُبَيٌّ [ (٢٥) ] . وَأُبَيٌّ يَقُولُ: أَخَذْتُهُ مِنْ فِي رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَنْ أَدَعَهُ لِشَيْءٍ، وَاللهُ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها [ (٢٦) ] .أَخْبَرَنَاهُ أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكِّي، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ: حَمْزَةُ ابن الْعَبَّاسِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْوَلِيدِ الْفَحَّامُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَذَكَرَهُ.أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ الثَّوْرِيِّ.وَرُوِّينَا عَنْ عَائِشَةَ عَنْ فَاطِمَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ، أَنَّهُ أَسَرَّ إِلَيْهَا فَقَالَ: إِنَّ جِبْرِيلَ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- كَانَ يُعَارِضُنِي بِالْقُرْآنِ كُلَّ عَامٍ مَرَّةً، وإنه عَارَضَنِي بِهِ الْعَامَ مَرَّتَيْنِ، وَلَا أَرَى أَجَلِي إِلَّا قَدْ حَضَرَ.أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ:حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ فِرَاسٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ، فَذَكَرَهُ.أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ كَمَا مَضَى.وَرُوِّينَا عَنْ عَبِيدَةَ السَّلْمَانِيِّ أَنَّهُ قَالَ: الْقِرَاءَةُ الَّتِي عُرِضَتْ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْعَامِ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ، هَذِهِ الْقِرَاءَةُ الَّتِي يَقْرَأُهَا النَّاسُ.أَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ الْفَضْلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ،[ (٢٥) ] طبقات ابن سعد (٢: ٣٣٩- ٣٤٠) .[ (٢٦) ] الآية الكريمة (١٠٦) من سورة البقرة.

Volume: 7 (Page:156)

English:

Arabic:

قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ قَالَ: حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الْجُعْفِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ جُدْعَانَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ عَبِيدَةَ، فَذَكَرَهُ. قُلْتُ: وَلَمْ يَخْتَلِفْ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي نُزُولِ «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» قُرْآنًا وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي عَدَدِ النُّزُولِ. وَفِي إِثْبَاتِ الصَّحَابَةِ رَسْمَهَا، حَيْثُ كَتَبُوهَا فِي مَصَاحِفِهِمْ، دَلَالَةٌ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِ مَنِ ادَّعَى نُزُولَهَا حَيْثُ كُتِبَتْ وَاللهُ أَعْلَمُ.وَقَدْ رُوِّينَا فِي كِتَابِ الْمَدْخَلِ ما يؤكل مَا ذَكَرْنَا فِي جَمْعِ الْقُرْآنِ، وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ.وَذَكَرْنَا فِيهِ أَيْضًا وُجُوهَ النَّسْخِ، وَهُوَ أَنَّ مِنَ الْقُرْآنِ مَا نُسِخَ حُكْمُهُ، وَبَقِيَ رَسْمُهُ، وَذَكَرْنَا مِثَالَ هَذَيْنِ، وَمِنْهُ مَا نُسِخَ رَسْمُهُ وَحُكْمُهُ.وَفِي مِثْلِ ذَلِكَ وَرَدَ مَا رُوِّينَا عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: كُنَّا نَقْرَأُ سُورَةً، كُنَّا نُشَبِّهُهَا فِي الطُّولِ وَالشِّدَّةِ بِبَرَاءَةَ فَأُنْسِيتُهَا غَيْرَ أَنِّي حَفِظْتُ مِنْهَا «لَوْ كَانَ لِابْنِ آدَمَ وَادِيَانِ من مال لا تبغي وَادِيًا ثَالِثًا، وَلَا يَمْلَأُ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ إِلَّا التُّرَابُ» وَكُنَّا نَقْرَأُ سُورَةً تشبهها بِإِحْدَى الْمُسَبِّحَاتِ فَأُنْسِيتُهَا. غَيْرَ أَنِّي قَدْ حَفِظْتُ مِنْهَا، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ فتُكتَبَ شَهَادَةً فِي أَعْنَاقِكُمْ، فتُسألون عَنْهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ.أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ النَّضْرِ الْجَارُودِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ:حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ، عَنْ أَبِي حَرْبِ بْنِ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي مُوسَى فَذَكَرَهُ.رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ سَعِيدٍ [ (٢٧) ] .[ (٢٧) ] أخرجه مسلم في: ١٢- كتاب الزكاة (٤٠) باب لو أنّ لابن آدم واديين ... ، الحديث (١١٩) ، ص (٢: ٧٢٦) .

Volume: 7 (Page:157)

English:

Arabic:

وَفِي مِثْلِ ذَلِكَ وَرَدَ مَا فِي الْحَدِيثِ الَّذِيأَخْبَرَنَاهُ أَبُو نَصْرٍ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ أَخْبَرَنَاهُ أَبُو مُحَمَّدِ أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ الْبَغْدَادِيِّ بِهُرَاةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو أُمَامَةَ أَنَّ رَهْطًا مِنَ الْأَنْصَارِ، مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم، أَخْبَرُوهُ أَنَّ رَجُلًا قَامَ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ يُرِيدُ أَنْ يَفْتَتِحَ سُورَةً «قَدْ كَانَ وَعَاهَا، فَلَمْ يَقْدِرْ مِنْهَا عَلَى شَيْءٍ إِلَّا بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ» فَأَتَى بَابَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ أَصْبَحَ، لِيَسْأَلَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ. ثُمَّ جَاءَ آخَرُ وَآخَرُ، حَتَّى اجْتَمَعُوا فَسَأَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا مَا جَمَعَهُمْ، فَأَخْبَرَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِشَأْنِ تِلْكَ السُّورَةِ، ثُمَّ أَذِنَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرُوهُ خَبَرَهُمْ، وَسَأَلُوهُ عَنِ السُّورَةِ فَسَكَتَ سَاعَةً لَا يُرْجِعُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا ثُمَّ قَالَ: نُسِخَتِ الْبَارِحَةَ، فَنُسِخَتْ مِنْ صُدُورِهِمْ وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ كَانَتْ فِيهِ.قُلْتُ: وَرَوَاهُ عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ قَالَ:وَابْنُ الْمُسَيِّبِ جَالِسٌ لَا يُنْكِرُ ذَلِكَ[ (٢٨) ] .وَفِي هَذَا دَلَالَةٌ ظَاهِرَةٌ مِنْ دَلَالَاتِ النُّبُوَّةِ.وَأَمَّا مَا لَمْ يُنْسَخْ رَسْمُهُ فَإِنَّهُ بَقِيَ [ (٢٩) ] ، بِحَمْدِ اللهِ، ونعمته، محفوظا إلى[ (٢٨) ] لا يوضح الخبر ما هي الآية، وأبو امامة قال ابن حجر هو اسعد بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ.[ (٢٩) ] قسم السيوطي النسخ في القرآن على ثلاثة أضرب أحدها: ما نسخ تلاوته وحكمه معا، قالت عائشة: كان فيما أنزل: «عشر رضعات معلومات فنسخن بخمس معلومات، فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلم وهنّ مما يقرأ من القرآن» ، رواه الشيخان. وقد تكلموا في قولها: «وهنّ مما يقرأ» : فإنّ ظاهره بقاء التلاوة، وليس كذلك.وأجيب بأن المراد: قارب الوفاة، أو أنّ التلاوة نسخت أيضا، ولم يبلغ ذلك كل الناس إلا بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم، فتوفى وبعض الناس يقرؤها.وقال أبو موسى الأشعريّ: نزلت ثم رفعت.وقال مكيّ: هذا المثال فيه المنسوخ غير متلوّ، والناسخ أيضا غير متلوّ، ولا أعلم له نظيرا، انتهى.

Volume: 7 (Page:158)

English:

Arabic:

الْآنَ، وَيَبْقَى مَا بَقِيَ الدَّهْرُ كَذَلِكَ مَحْفُوظًا حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللهِ لَا تَجْرِي عَلَيْهِ زِيَادَةٌ: وَلَا نُقْصَانٌ كَمَا قَالَ اللهُ- عَزَّ وَجَلَّ- لَا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ... [ (٣٠) ] .[ () ] الضرب الثاني: ما نسخ حكمه دون تلاوته، وهذا الضرب هو الذي فيه الكتب المؤلفة، وهو على الحقيقة قليل جدا، وإن اكثر الناس من تعداد الآيات فيه، فإن المحققين منهم كالقاضي أبي بكر ابن العربي بين ذلك وأتقنه.والذي أقوله: إن الذي أورده المكثرون أقسام: قسم ليس من النسخ في شيء ولا من التخصيص، ولا له بهما علاقة بوجه من الوجوه، وذلك مثل قوله تعالى: وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ، أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناكُمْ، ونحو ذلك. قالوا: إنه منسوخ بآية الزكاة، وليس كذلك بل هو باق، أمّا الأولى فإنها خبر في معرض الثناء عليهم بالإنفاق، وذلك يصلح ان يفسّر بالزكاة وبالإنفاق على الأهل وبالإنفاق في الأمور المندوبة كالإعانة والإضافة، وليس في الآية ما يدل على أنها نفقة واجبة غير الزكاة، والآية الثانية يصلح حملها على الزكاة، وقد فسّرت بذلك.وكذا قوله تعالى: أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ، قيل: إنها ممّا نسخ بآية السيف، وليس كذلك، لأنه تعالى أحكم الحاكمين أبدا، لا يقبل هذا الكلام النّسخ، وإن كان معناه الأمر بالتفويض وترك المعاقبة.وقوله في البقرة: وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً، عدّه، بعضهم من المنسوخ بآية السيف. وقد غلّطه ابن الحصّار بأنّ الآية حكاية عمّا أخذه على بني إسرائيل من الميثاق، فهو خبر لا نسخ فيه، وقس على ذلك.وقسم هو من قسم المخصوص، لا من قسم المنسوخ، وقد اعتنى ابن العربي بتحريره فأجاد، كقوله: إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ. إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا، وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ. إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا ... ، فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ، وغير ذلك من الآيات التي خصّت باستثناء أو غاية، وقد أخطأ من أدخلها في المنسوخ.ومنه قوله: وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ، قيل إنه نسخ بقوله: وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ، وإنما هو مخصوص به.وقسم رفع ما كان عليه الأمر في الجاهلية أو في شرائع من قبلنا، أو في أوّل الإسلام ولم ينزل في القرآن، كإبطال نكاح نساء الآباء، ومشروعية القصاص والدّية، وحصر الطّلاق في الثلاث، وهذا إدخاله في قسم الناسخ قريب، ولكن عدم إدخاله أقرب، وهو الذي رجّحه مكّيّ وغيره، ووجّهوه بأن ذلك لوعدّ في الناسخ لعدّ جميع القرآن منه، إذ كلّه أو أكثره رافع لما كان عليه الكفّار وأهل الكتاب. قالوا: وإنما حقّ الناسخ والمنسوخ ان تكون آية نسخت آية. انتهى.[ (٣٠) ] الآية الكريمة (٤٢) من سورة فصلت.

Volume: 7 (Page:159)

English:

Arabic:

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْمَعْرُوفِ الْفَقِيهُ، قال: أخبرنا أبو سهل الأسفرائيني، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ نَصْرٍ الْحَذَّاءُ قَالَ: حدثنا علي ابن عَبْدِ اللهِ الْمَدِينِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ نَصْرٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ، وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ لَا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ. قَالَ: حَفِظَهُ اللهُ مِنَ الشَّيْطَانِ فَلَا يَزِيدُ فِيهِ بَاطِلًا وَلَا يُنْقِصُ مِنْهُ حَقًّا، ثُمَّ قَرَأَ: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ، وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ [ (٣١) ] . قَالَ: هَذِهِ نَظِيرَتُهَا [ (٣٢) ] .أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْهَاشِمِيُّ بِبَغْدَادَ، قَالَ:حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ عِيسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ العزيز ابن جُرَيْجٍ الطُّومَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ فَهْمٍ قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ أَكْثَمَ يَقُولُ: كَانَ لِلْمَأْمُونِ وَهُوَ أَمِيرٌ إِذْ ذَاكَ مَجْلِسُ نَظَرٍ، فَدَخَلَ فِي مجلسة النَّاسِ رَجُلٌ يَهُودِيٌّ، حَسَنُ الثَّوْبِ. حَسَنُ الْوَجْهِ، طَيِّبُ الرَّائِحَةِ، قَالَ فَتَكَلَّمَ.فَأَحْسَنَ الْكَلَامَ الْعِبَارَةَ قَالَ: فَلَمَّا أَنْ تَقَوَّضَ الْمَجْلِسُ، دَعَاهُ الْمَأْمُونُ فَقَالَ لَهُ إِسْرَائِيلِيٌّ؟: قَالَ نَعَمْ! قَالَ لَهُ: أَسْلِمْ حَتَّى أَفْعَلَ بِكَ، وَأَصْنَعَ، وَوَعَدَهُ، فَقَالَ: دِينِي، وَدِينُ آبَائِي، فَانْصَرَفَ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ سَنَةٍ جَاءَنَا مُسْلِمًا، قَالَ:فَتَكَلَّمَ عَلَى الْفِقْهِ، فَأَحْسَنَ الْكَلَامَ. فَلَمَّا أَنْ تَقَوَّضَ [ (٣٣) ] الْمَجْلِسُ دَعَاهُ الْمَأْمُونُ.فَقَالَ لَهُ: أَلَسْتَ صَاحِبَنَا بِالْأَمْسِ؟ قَالَ لَهُ بَلَى! قَالَ: فَمَا كَانَ سبب إسلامك؟[ (٣١) ] الآية الكريمة (٩) من سورة الحجر.[ (٣٢) ] وقال ابن عباس: عزيز من عبد الله، كريم على الله أعزه الله، فلا يتطرق إليه باطل.وقال السدي: ينبغي ان يعزّ ويجلّ وألا يلغى فيه.وقيل: عزيز من الشيطان ان يبدله.وقال مقاتل: «منع من الشيطان والباطل.وقال سعيد بن جبير: «لا يأتيه التكذيب» .وقال ابن جريج: لا يأتيه الباطل فيما أخبر عما مضى ولا فيما أخبر عما يكون. تفسير القرطبي (٥: ٣٦٧) .[ (٣٣) ] في (أ) : «تعوّد» .

Volume: 7 (Page:160)

English:

Arabic:

قَالَ: انْصَرَفْتُ مِنْ حَضْرَتِكَ. فأجبت أَنْ أَمْتَحِنَ هَذِهِ الْأَدْيَانَ، وَأَنَا مَعَ مَا تَرَانِي حَسَنُ الْخَطِّ فَعَمَدْتُ إِلَى التَّوْرَاةِ. فَكَتَبْتُ ثَلَاثَ نُسَخٍ فَزِدْتُ فِيهَا وَنَقَصْتُ، وَأَدْخَلْتُهَا الْكَنِيسَةَ فَاشْتُرِيَتْ مِنِّي، وَعَمَدْتُ إِلَى الْإِنْجِيلِ. فَكَتَبْتُ ثَلَاثَ نَسْخٍ فَزِدْتُ فِيهَا، ونقصت وَأَدْخَلْتُهَا الْبَيْعَةَ فَاشْتُرِيَتْ مِنِّي، وَعَمَدْتُ إِلَى الْقُرْآنِ فَعَمِلْتُ ثَلَاثَ نَسْخٍ، وَزِدْتُ فِيهَا وَنَقَصْتُ وَأَدْخَلْتُهَا [إِلَى] [ (٣٤) ] الْوَرَّاقِينَ، فَتَصَفَّحُوهَا، فَلَمَّا أَنْ وَجَدُوا فِيهَا الزِّيَادَةَ، وَالنُّقْصَانَ، رَمَوْا بِهَا فَلَمْ يَشْتَرُوهَا. فَعَلِمْتُ أَنَّ هَذَا كِتَابٌ مَحْفُوظٌ، فَكَانَ هَذَا سَبَبُ إِسْلَامِي.قَالَ يَحْيَى بْنُ أَكْثَمَ. فَحَجَجْتُ فِي تِلْكَ السَّنَةِ، فَلَقِيتُ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ فَذَكَرْتُ لَهُ الْحَدِيثَ فَقَالَ لِي مِصْدَاقُ هَذَا فِي كِتَابِ اللهِ- عَزَّ وَجَلَّ- قَالَ: قُلْتُ: فِي أَيِّ مَوْضِعٍ؟ قَالَ: فِي قَوْلِ اللهِ عَزَّ وجل في التَّوْرَاةِ، وَالْإِنْجِيلِ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللَّهِ [ (٣٥) ] فَجَعَلَ حِفْظَهُ إِلَيْهِمْ. فَضَاعَ. وَقَالَ- عَزَّ وَجَلَّ- إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ، وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ [ (٣٦) ] فَحَفِظَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْنَا فَلَمْ يَضِعْ.قُلْتُ: وَفِي الْكِتَابِ، ثُمَّ فِي أَخْبَارِ السَّلَفِ، دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْأُمَمَ السَّالِفَةَ كَانُوا إِذَا غَيَّرُوا شَيْئًا مِنْ أَدْيَانِهِمْ، غَيَّرُوهُ أَوَّلًا مِنْ كُتُبِهِمْ. وَاعْتَقَدُوا خِلَافَهُ بِقُلُوبِهِمْ، ثُمَّ أَتْبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ، أَقْوَالَهُمْ وَأَفْعَالَهُمْ. وَفِي هَذِهِ الْأُمَّةِ قَدْ حَفِظَ اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ كِتَابَهُ، وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم، وَثَبَّتَهُمْ عَلَى عَقَائِدِهِمْ، حَتَّى لَا يُغَيِّرُوا شَيْئًا مِنْهَا. وَإِنْ كَانَ فِعْلًا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ بِشَهْوَةٍ أَوْ بِغَفْلَةٍ خِلَافَهَا- وَالْحَمْدُ لِلَّهِ- عَلَى حِفْظِ دِينِهِ، وَعَلَى مَا هَدَانَا لِمَعْرِفَتِهِ وَنَسْأَلُهُ الثَّبَاتَ إِلَى الْمَمَاتِ، وَالْمَغْفِرَةَ يَوْمَ تُحْشَرُ الْأَمْوَاتُ إِلَهٌ سُمَيْعُ الدُّعَاءِ، فَعَّالٌ لِمَا يَشَاءُ، وَالصَّلَاةُ عَلَى نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ وعلى آله وسلم.[ (٣٤) ] سقطت من (ف) .[ (٣٥) ] الآية الكريمة (٤٤) من سورة المائدة.[ (٣٦) ] [الحجر- ٩] .

Vols: Intro, 1, 2, 3, 4, 5, 6, 7

Chapters